هل تأخر سن الزواج و إنخفاض معدل الإنجاب يؤثر على توجهات المشرع؟
نشهد مؤخرًا تطورا ملحوظ في مجال الإحصاء المتعلق بالمملكة العربية السعودية ومن يقيم فيها، سواءً الإحصاءات التي تصدر عن هيئة الإحصاء أو البنك الدولي، وبناءً عليه قد تزايد الحديث عن معدلات أعمار الشعب السعودي، فلابد أنك قد سمعت بأن ما نسبته 70٪ من مواطني المملكة العربية السعودية ممن هم دون 30 سنة، إلا أن بعض الإحصاءات الأخرى المنشورة تعكس أرقام قد تشكل خطر في المستقبل، وذلك لوجود توقعات حقيقية أنه وفي فترة ليست بالطويلة قد يحدث انعكاس في هرم التركيبة العمرية لمواطني المملكة، وذلك بأن يصبح عدد كبار السن في المملكة أكثر من عدد الشبان، أي نقيض ما نحن عليه حاليًا، فقد أظهرت بعض الاحصاءات مؤخرًا رقمين من شأنهم تحقق تلك التوقعات، فالرقم الأول يتعلق بوجود تأخر ملحوظ في الإقبال على الزواج لاسيما الرقم الثاني والمتعلق بانخفاض معدلات الانجاب، ولا شك في أن هذين المعياران لهما مساهمة فاعلة فيما ستؤول إليه الإحصاءات مستقبلًا، ونظرًا لوصول نسبة الشبان العازبين ما بين سن 30 و 35 إلى 31٪، كذا ما نسبته 65٪ من الشبان بين 25 و 30، كما أوضح البنك الدولي وجود انخفاض في متوسط الإنجاب لكل إمرأة في المملكة العربية السعودية حيث كان 7 أطفال في عام 1981، وأصبح 2.8 طفل لكل إمرأة في عام 2022.
ونظرًا لكون القانون هو البوابة الخلفية لكل تخصصات الحياة، فمما لاشك فيه أن تلك الأرقام والإحصاءات و التوقعات التي تبنى عليها تنعكس بالضرورة على إرادة المشرع، فقد نستطيع أن نلاحظ تصدي من يسن القوانين لتلك الإشكالية المتوقعة، ويدلل على ذلك صدور الموافقة بتاريخ 1445/12/26 هـ الموافق : 02/07/2024 مـ على نظام التأمينات الإجتماعية الجديد وذلك بالمرسوم الملكي رقم (م/273) وتاريخ 1445/12/26هـ،، والذي قام فيه المشرع بتغييرات جوهرية من شأنها أن تواجه التغيير المتوقع الذي تحدثنا عنه حيث أصبح العمل متاح لسن 65 عام للجنسين، وأصبح سن التقاعد المبكر 55 عام، كما زادت نسبة الاستقطاع إلى 26٪، وقد يسوقنا ذلك للحديث عن الآلية المتبعة في المملكة العربية السعودية فيما يخص تغطية معاشات المتقاعدين، وهي آلية النظام التكافلي حيث تسدد تلك المعاشات بواسطة الاستقطاعات من رواتب أو أجور من هم على رأس العمل في حينه، وهذا الذي يعيدنا إلى ما بدأنا به هذه المقالة.
حيث أنه لو صحت التوقعات واصبح عدد كبار السن في المملكة أكثر ممن هم في سن العمل، ولكون نظامنا تكافلي قد تعجز القيمة المستقطعه ممن هم على رأس العمل آنذاك عن سداد معاشات المتقاعدين وذلك لفرق العدد لصالح المتقاعدين، مما يبين ضرورة زيادة سن التقاعد فضلًا عن نسبة الاستقطاع، وهذا ما تم.
ختامًا قد نشهد المزيد من الحلول التي تطرح لمواجهة هذا التغير المتوقع لما فيه من مخاطر قد تصل إلى فناء مدن وتغيير في التركيبة الديموغرافية لسكانها، كماا نرى في كل من اليابان وكوريا الجنوبية وايطاليا والمانيا، و بالضرورة بمكان أن يكون معول هذه الحلول هو القانون فمنه وبه تتحدد التوجهات.
تمت.